responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 106
وَلَا نُنْكِرُ تَسْمِيَتَهُ مَجَازًا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَجِبُ بِهِ فَسُمِّيَ بِهِ مَجَازًا أَوْ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دَعَا إلَى الْمُوَافَقَةِ بِلَفْظِ الْأَمْرِ بِقَوْلِهِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي» فَدَلَّ أَنَّ الصِّيغَةَ لَازِمَةٌ وَمِنْ ذَلِكَ

(بَابُ مُوجِبِ الْأَمْرِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ (وَلَا نُنْكِرُ تَسْمِيَتَهُ مَجَازًا) جَوَابٌ عَنْ تَمَسُّكِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: 97] فَقَالَ إنَّا لَا نُنْكِرُ تَسْمِيَةَ الْفِعْلِ بِالْأَمْرِ مَجَازًا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَجِبُ بِالْأَمْرِ فَيَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِالْأَمْرِ إطْلَاقًا لِاسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ، وَفِي الْإِقْلِيدِ شَبَّهَ الدَّاعِي الَّذِي يَدْعُو إلَى الْفِعْلِ مَنْ يَتَوَلَّاهُ بِأَمْرِهِ بِهِ فَقَبِلَ لَهُ أَمْرُ تَسْمِيَةٍ لِلْمَفْعُولِ بِهِ بِالْمَصْدَرِ كَأَنَّهُ قِيلَ مَأْمُورٌ بِهِ كَمَا قِيلَ شَأْنٌ.
وَهُوَ مَصْدَرُ شَأَنْت أَيْ قَصَدْت سُمِّيَ بِهِ الْمَشْئُونُ أَيْ الْمَطْلُوبُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ إنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْأَمْرِ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ الْقَوْلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ {فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ} [هود: 97] أَيْ أَطَاعُوهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ وَالرُّشْدُ الصَّوَابُ وَقَدْ يُوصَفُ الْقَوْلُ بِهِ، وَفِي الْمَطْلَعِ {فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ} [هود: 97] هُوَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ عِبَادَتِهِ وَاتِّخَاذِهِ إلَهًا {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: 97] أَيْ بِذِي رُشْدٍ بَلْ هُوَ غَيٌّ وَضَلَالٌ وَقِيلَ بِمُرْشِدٍ.
قَوْلُهُ (وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دَعَا إلَى الْمُوَافَقَةِ بِلَفْظِ الْأَمْرِ) جَوَابٌ عَنْ تَمَسُّكِهِمْ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَلُّوا أَيْ الْمُتَابَعَةُ إنَّمَا وَجَبَتْ بِقَوْلِهِ صَلُّوا لَا بِالْفِعْلِ وَلَوْ كَانَ الْفِعْلُ مُوجِبًا بِنَفْسِهِ لَمَا اُحْتِيجَ إلَى قَوْلِهِ صَلُّوا بَعْدَ قَوْله تَعَالَى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59] كَمَا لَا يَحْتَاجُ قَوْلُهُ افْعَلُوا كَذَا إلَى شَيْءٍ آخَرَ يُوجِبُ الِامْتِثَالَ بِهِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي جَوَابِهِ وَجَوَابِ أَمْثَالِهِ أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَ «هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» ، بَيَانٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ شَرْعَهُ وَشَرْعَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ فَفَهِمُوا وُجُوبَ الِاتِّبَاعِ بِذَلِكَ لَا بِمُجَرَّدِ حِكَايَةِ الْفِعْلِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ اخْتِلَافُ الْجَمْعِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْمُسَمَّى فَلَا تَمَسُّكَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأُمُورَ جَمْعُ الْأَمْرِ بِمَعْنَى الشَّأْنِ وَالصِّفَةِ لَا بِمَعْنَى الْفِعْلِ وَالْأَعْوَادُ وَالْعِيدَانُ كِلَاهُمَا جَمْعُ عُودٍ مُطْلَقًا كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَأَمَّا الْأَوَامِرُ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمُعْتَمَدِ أَنَّهَا جَمْعُ آمِرَةٍ لَا جَمْعُ أَمْرٍ، وَهُوَ حَقٌّ؛ لِأَنَّ فَوَاعِلَ فِي الثُّلَاثِيِّ جَمْعُ فَاعِلٍ اسْمًا كَكَوَاهِلَ أَوْ فَاعِلَةٍ اسْمًا وَصِفَةً كَكَوَاثِبَ وَضَوَارِبَ فَأَمَّا فَعْلُ فَلَمْ يُجْمَعْ عَلَى فَوَاعِلَ أَلْبَتَّةَ لَكِنَّهُ قِيلَ أَوَامِرُ جَمْعُ آمِرَةٍ مَجَازًا كَأَنَّ صِيغَةَ افْعَلْ جَعَلَتْ آمِرَةً وَجُمِعَتْ عَلَى أَوَامِرَ كَمَا جُمِعَ نَهْيٌ عَلَى نَوَاهِي بِهَذَا التَّأْوِيلِ؛ وَلِهَذَا يُقَالُ مَا لَهُ نَاهِيَةٌ أَيْ نَهْيٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ هُوَ مُتَوَاطِئٌ أَيْ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ فَفَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ الْمَجَازِ وَالِاشْتِرَاكِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي أَمْرٍ عَامٍّ قَدْ يُوجَدُ بَيْنَ كُلِّ مُشْتَرَكَيْنِ وَكُلِّ مَجَازٍ وَحَقِيقَةٍ.
وَقَوْلُهُمْ الْمَجَازُ وَالِاشْتِرَاكُ خِلَافُ الْأَصْلِ قُلْنَا كُلُّ مَا هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ يَصِيرُ مُوَافِقًا لَهُ إذَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى الْمَجَازِ هَهُنَا كَمَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَمِنْ الْخَاصِّ

[بَابُ مُوجِبِ الْأَمْرِ]
أَيْ حُكْمُ الْأَمْرِ، الْبَابُ الْمُتَقَدِّمُ فِي بَيَانِ لُزُومِ الصِّيغَةِ لِلْمُرَادِ بِالْأَمْرِ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ الْمُرَادُ بِدُونِهَا وَبَيَانُ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِالصِّيغَةِ وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ ذَلِكَ الْمُرَادِ صَرِيحًا

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 106
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست